بسم الله الرحمن الرحيم
/
أسماء قليلة في التاريخ يمكن التعرف عليها بمجرد قراءتها، ويمكنها أن تثير فينا الكثير والكثير من الأحاسيس.. أحد هذه الأسماء يمكنه أن ينقل إلى أذهاننا مجموعة الصور الفظيعة.. الأزقة المظلمة.. النفايات في الطرق.. الصمت المخيف.. الضباب الخانق.. نساء مقتولات على قارعة الطريق.. صراخ بائع الجرائد.. ظل العباءة السوداء التي لا نرى وجه صاحبها على الإطلاق.. السكين الطويل الحاد.. الدماء..
في مقارنة سريعة مع حجم الجرائم التي نراها هذه الأيام، فإن "جاك" السفاح قد يصبح أحد الأخبار الميتة في صفحة الحوادث ليوم أو يومين على الأكثر.. فكل ما حدث هو قتل خمس عاهرات في أحد الأحياء المليئة بالعنف والجريمة.. مجرد مجرم آخر يحاول إرضاء نزعاته السادية على حساب المجتمع.. ولا أعتقد أن المجتمع كان سيتأثر بالشكل الذي رأيناه عند قتل فتيات الجامعات على يد القاتل العتيد "تيد بوندي" Ted Bundy، أو عند رؤية جثث الأطفال التي شوهها المجنون "جون واين جريس" John Wayne Grace.. لقد أصبحت المجتمعات أكثر قدرة على الاحتمال، ولم تعد تتحرك إلا عند حدوث جرائم رهيبة تتضمن أعداداً كبيرة من الضحايا..
لماذا إذن -وبعد مرور أكثر من 100 عام- هناك كتب عن "جاك" السفاح أكثر مما كتب عن جميع الرؤساء الأمريكيين والبريطانيين مجتمعين؟!!.. لماذا توجد دائماً قصص وأغنيات وأوبرات وأفلام وكتب لا تنتهي عن هذا المجرم القادم من العصر الفيكتوري؟!.. لماذا ما زال "جاك" السفاح رمزاً للجريمة البشعة في أيامنا هذه كما كان منذ 100 عام؟!..
السبب يعود إلى وجود أبعاد أخرى تكاد تتخطى حاجز المعقول إلى حدود الرعب غير المنطقي والأحداث الميتافيزيقية -ما وراء الطبيعة- تحيط بكل شيء في هذه الجرائم.. وليس السبب فقط في عدم رؤية أحد لهذا الشبح القاتل الذي يأتي من الضباب في لحظات ليتم كل شيء بمنتهى الوحشية في لحظات معدودة ثم لا يعود له أي أثر، بل أيضاً للطريقة التي اختفى بها من على مسرح الأحداث بغتة ودون سابق إنذار، حتى إن أحداً لم يصدق أن الأمور انتهت عند هذا الحد.. وحتى يومنا هذا ما زالت هناك مئات المحاولات التي يقوم بها محترفون وهواة من جميع الطبقات، في محاولة للتعرف على شخصية هذا القاتل السفاح، الذي حيّر العالم أكثر من قرن كامل دون أن يتمكن أحد من أن يميط اللثام عنه..
إنه الأسطورة التي تعاظمت على مر السنين حتى أصبحت أكبر من الحقيقة نفسها..
التحدى المؤلم الذي يثبت لنا كل يوم مقدار جهلنا وقلة حيلتنا أمام الجريمة..
إنه السفاح..
"جاك" السفاح..
* * * *
السيدة الأولى
الضحية الأولى
عندما كان "تشارلز كروسي" يسير في شوارع ويتشابل في الرابعة صباحاً يوم الجمعة 31 أغسطس 1888 كانت كلها مظلمة ومهجورة، خاصة مع برودة الجو الشديدة والضباب الذي يحيط بكل شيء حتى لا يكاد المرء يرى أمامه.. لكنه رغم الضباب رأى شيئاً ممدداً على الأرض أمام أحد الإسطبلات..
عندما اقترب أكثر بدأت ملامح هذا "الشيء" تتضح أمامه.. كانت امرأة ملقاة على الأرض وتنورتها ترتفع حتى وسطها.. كان اعتقاد "تشارلز" أنها أفرطت في الشراب إلى حد الغياب عن الوعي أو أنها ضحية اعتداء لسرقة أموالها.. لذلك فعندما اقترب منها وغطى جسدها بتنورتها وحاول أن يساعدها على استعادة وعيها لم ينتبه إلى الجروح الرهيبة التي كانت بجسدها، والتي جعلت رأسها يكاد ينفصل عن جسدها..
عندما لم تستعد المرأة وعيها ذهب "تشارلز" للبحث عن أحد رجال الشرطة..
دقائق معدودة، ثم وصل الكونستابل "جون نيل"، ومن خلال الضوء المنبعث من المشعل الذي معه أمكنه رؤية الدماء التي غطت الأرض حول جسد المرأة والذي يتسرب من حنجرتها بعد أن تم قطعها من الأذن إلى الأذن.. وفي لحظات كان هناك رجل شرطة آخر وطبيب وتم استدعاء سيارة إسعاف..
ذهب "جون نيل" لسؤال أهالي الحي عن أي شيء شاهدوه، بينما وصل الطبيب الشرعي وفحص الجثة التي تبين أن جرح العنق كان كافياً لقتلها.. وبما أن جسدها لا يزال دافئاً، فقد خمن الطبيب أنه لم يمض على قتلها أكثر من نصف ساعة..
كان هناك جرحان في عنقها، قطع أحدهما العنق بالكامل حتى وصل إلى المريء.. وهكذا أخذت سيارة الإسعاف الجثة إلى أقرب مشرحة، وعندما تم خلع الملابس من عليها اكتشف المحقق "سبراتلنج" وجود عدد من الجروح في البطن.. وبعد فحص الطبيب للجثة قرر وجود كدمة في أسفل الفك. وأيضاً وجود جرح قطعي طولي في البطن.. وفي المشرحة قال الطبيب إن الجروح تدل على أن الجاني أعسر.. لكنه عاد بعد ذلك في التحقيقات وقال إنه ليس متأكداً من ذلك بنسبة 100%..
هناك الكثير من الطرق والنظريات التي حاولت تصوير كيفية حدوث الجريمة.. لكن تبقى نظرية "فيليب ساجد" هي الأقرب إلى المنطق.. حيث يقرر "فيليب" أن الجثة تم قطع رقبتها وهي نائمة على الأرض؛ لأنه لو تم قطع الرقبة وهي واقفة لكان الدم قد هبط على صدرها وملابسها من الأمام، وهو ما لم يحدث على الإطلاق.. حيث استقر أغلب الدم أسفل العنق على الأرض، حيث امتصته ملابسها من الخلف وشعرها.. كما أن الدماء من الجرح الكبير في بطنها تجمعت في أحشائها، مما يؤكد أنها كانت نائمة على ظهرها.. كما يوحي أيضاً بأن القاتل قد قام بهذا الجرح بعد أن ماتت المرأة..
كان التعرف على الجثة صعباً إلى حد كبير.. حيث لم يكن معها سوى منديل صغير ومرآة مكسورة، أما ملابسها الرخيصة فلم تكن بها أية علامات محددة تساعد في التعرف عليها.. كان طولها تقريباً 165 سم، وعيناها بنيتان وشعرها بني، وكانت عدة أسنان أمامية مفقودة من فكها.. ورغم كل محاولات الشرطة في تلك الليلة للتعرف على هوية المرأة أو التعرف على شاهد عيان استطاع رؤية القاتل، إلا أن هذه الجهود قد باءت بالفشل الذريع..
لكن في وقت لاحق، وبعد أن بدأت أخبار الجريمة الشنعاء تنتشر في ويتشابل، وصل إلى علم الشرطة اختفاء امرأة تدعى "بولي" Polly وبدأت في البحث عن أي شخص يعرفها.. وفي النهاية تعرفت عليها امرأة تسكن قريباً منها على أنها "ماري آن نيكولز"Mary Ann Nichols التي تبلغ 42 عاماً من العمر..
في اليوم التالي، تم إحضار والدها وزوجها السابق اللذين أكدا هويتها.. كانت "بولي" هي زوجة عامل المطبعة "ويليام نيكولز".. لكن مشاكلها مع شرب الخمر تسببت في انفصالهما.. وخلال الأيام التالية للانفصال كانت "بولي" تعيش من النقود التي تحصل عليها من عملها كعاهرة مع احتفاظها بمشكلة شرب الخمر كما هي..
بين الحين والآخر كانت "بولي" تحاول جمع شتات نفسها والحياة بشكل محترم، لكنها كانت تفشل في كل مرة لتعود مرة أخرى إلى الشوارع.. كانت امرأة حزينة مكتئبة أغلب الوقت، لكن مع ذلك كان كل من يعرفها يحبها ويشفق عليها..
تولى التحقيق في تلك الجريمة المحقق "فريدريك جورج" الذي قضى في البوليس أكثر من 25 عاماً أغلبها في منطقة ويتشابل.. وكان أول ما اكتشفه "فريدريك" أن القاتل لم يترك وراءه أي شاهد أو سلاح جريمة أو أدلة.. لم يتذكر أحد أي أصوات غريبة في وقت الحادث، ورغم العثور على "بولي" بعد فترة قصيرة الغاية من قتلها لم يشاهد أحد أية سيارة تهرب من مسرح الجريمة.. هكذا لم يكن هناك خيط واحد يمسكه رجال الشرطة للتعرف على هوية القاتل..
* * * *
جرائم سابقة
في تلك الفترة كان أهالي ويتشابل يتذكرون مجموعة من الجرائم التي كانت ضحيتها نساء من نفس الحي، ورغم وجود الكثير من المتناقضات فإن القاتل في كل هذه الجرائم كان في عقل سكان ويتشابل هو السفاح الذي قتل "بولي"..
في 6 أغسطس 1888 وقبل عدة أسابيع من مقتل "بولي" وجدت "مارثا تابرام" مقتولة في إحدى الساحات، وكانت "مارثا" -وهي عاهرة أخرى مثل "بولي"- قد طعنت 39 مرة في جميع أنحاء جسدها.. لكن لم تكن هناك أية علامات على الذبح..
كانت شهادات بعض الشهود تربط بين قتل "مارثا" وأحد الجنود من الحامية القريبة، لكن لم يتم أبداً التعرف على هوية هذا الجندي.. قبل أشهر قليلة تم الاعتداء على "إما سميث" في نطاق 100 ياردة من مكان قتل "مارثا".. وقد ضربها المعتدون في جميع أنحاء جسدها بوحشية، كما أدخلوا أداة في أعضائها التناسلية.. لكن لحسن حظ إما فقد تم إنقاذها، وإن لم يستطع رجال الشرطة القبض على من اعتدوا عليها.. بالطبع هناك اختلافات عديدة بين الجرائم الثلاثة –"بولي" و"مارثا" و"إما"- من حيث طريقة القيام بالجريمة وعدد المعتدين والهدف من الجريمة.. لكن لأن السيدات الثلاث اللاتي تم الاعتداء عليهن كن من العاهرات المعروفات في ويتشابل، فقد تأكد في ذهن الجميع أن الفاعل واحد في كل هذه الجرائم.. وهو القاتل الذي ستعرفه ويتشابل ولندن وإنجلترا كلها فيما بعد باسم "جاك السفاح"..
* * * *
تاريخ وجغرافيا
قد يبدو هذا العنوان غريبا على الموضوع إلى حد كبير.. لكن من المهم للغاية أن نعرف أكثر عن منطقة ويتشابل وظروف الحياة فيها في تلك الفترة العصيبة.. وكيف أدّت كل هذه الظروف إلى أن تصبح أسطورة "جاك" السفاح كما أصبحت عليه اليوم..
أحد أهم شوارع ويتشابل هو شارع ماين Mean.. هذا الشارع في النهاية الشرقية.. بالطبع ليس من المجهول النهاية الشرقية لأي شيء بالضبط!!.. فهو يقع في النهاية الشرقية ليس فقط بالنسبة إلى المدينة.. بل أيضاً بالنسبة للإنسانية والأخلاق والمدنية وكل ما يمكنك تخيله من عوامل التحضر..
إنه مكان مخيف للغاية.. صارم إلى أقصى درجة.. مزيج شيطاني يجمع بين القذارة والجريمة والخيانة والدعارة وأعمال التهريب وكل الأعمال المنافية للقانون.. حيث يعيش الرجال والنساء طوال النهار والليل على شرب الخمر وضرب بعضهم بعضاً.. حيث اختفت الملابس النظيفة والأخلاق.. حيث يرتدي كل فرد عصابة على عين مفقودة ..
هذه النهاية الشرقية كانت معزولة عن باقي العاصمة لندن اجتماعياً واقتصادياً إلى أقصى حد.. وكان يعيش فيها أكثر من 900 ألف نسمة يعمل أغلبهم في المذابح المنتشرة في كل مكان.. وهو ما جعل لتلك المنطقة رائحة رهيبة لا تطاق.. وكانت النفايات وبقايا الحيوانات المذبوحة والدماء تنتشر في كل مكان..
أغلب السكان كانوا يعيشون في حجرات مشتركة وسط ظروف معيشية غاية في الصعوبة.. في الغالب كانت الحجرة تتقاسمها عائلتان أو أكثر.. وكان من المعتاد أن تجد في إحدى الغرف أباً وأماً وثلاثة أبناء وأربعة خنازير!!.. وفي غرفة أخرى تجد رجلاً مصابا بالحصبة، ومعه زوجته التي تتعافي من مرض الزهري، وطفل صغير نصف عارٍ تغطيه القذارة والأوحال.. وفي إحدى الراويات كانت هناك أسرة مكونة من 7 أشخاص تسكن في حجرة تحت الأرض، ومعهم طفل صغير ميت منذ 13 يوماً!!..
أغلب من كانوا يعملون في تلك المنطقة كانوا يعملون بشكل متقطع.. حيث كان كل ما يهم الفرد أن يكمل يومه حياً بأية طريقة.. كان أكثر من نصف الأطفال في النهاية الشرقية يموتون قبل أن يصلوا إلى سن الخامسة.. والنصف الآخر كان أغلبه من المعاقين ذهنياً وجسدياً..
كانت الدعارة هي إحدى الوسائل القليلة التي تضمن للمرأة الوحيدة أو الأرملة قوت يومها.. وقد قدرت الشرطة عدد العاهرات في ويتشابل عام 1888 بأكثر من 1200 عاهرة محترفة.. بالطبع لم يتضمن التقرير الفتيات والنساء اللاتي يمارسن الرذيلة بصورة متقطعة..
كان هناك أكثر من 200 منزل عام في ويتشابل يمكنها استيعاب 9000 شخص، حيث كانت تتكون من عنابر نوم طويلة تحوي صفين من الأسرّة المليئة بالبق والحشرات.. وإذا لم تكن المرأة التي ليس لها مكان لتبيت فيه قد حصلت على مبلغ مالي كافٍ لتنام في أحد هذه البيوت، كان يتوجب عليها إيجاد شخص يدعوها لتبيت عنده في مقابل خدماتها الجنسية..
رغم كل المحاولات التي قامت بها الحكومة وقام بها بعض الأهالي من الأغنياء واليهود لتحسين ظروف المعيشة، فقد ظلت ويتشابل مثالاً للفقر والرذيلة والقذارة.. ووسط هذه الظروف القاسية للغاية.. ووسط كل هذه الدماء والأماكن المظلمة والجرائم وجد القاتل المكان المثالي للقيام بعمله..
* * * *
النظريات
لأن الجرائم الثلاث كانت في ذهن سكان ويتشابل متصلة ببعضها البعض، فقد كان هناك ضغط كبير على قوات الشرطة لتقديم القاتل إلى العدالة.. وسرعان ما ظهرت نظريات ثلاث لتفسير هذه الجرائم..
- عصابة هدفها السرقة قامت بهذه الجرائم..
- فشلت العاهرات في دفع الإتاوات المقررة عليهن من قبل إحدى العصابات، فعمدت هذه العصابة إلى قتلهن لتصبحن عبرة لباقي الفتيات..
- هناك قاتل مجنون طليق هو من قام بهذه الجرائم ..
عند الوضع في الاعتبار كمّ الفقر الذي عاشت فيه الضحايا "مارثا" و"إما" و"بولي" كان من السهل استبعاد الخيارين الأول والثاني.. وأصبحت نظرية السفاح هي الأكثر تقبلاً.. وقد كتبت جريدة East London Observer تعليقاً على الحوادث: "إن الجرائم التي روعت لندن على مدار الأشهر الماضية غريبة إلى أقصى درجة.. والسبب أن الضحايا من أفقر السكان على الإطلاق، كما لا يمكن العثور على أي دافع للقتل.. لذلك فإن الجهد الغريب المبذول في هذه الجرائم يوضح أننا أمام كائن شيطاني يستخدم أقصى درجات العنف في جرائمه"..
في تلك الأثناء تم تقديم طلب إلى "هنري ماثيوز" نائب الحزب عن المنطقة لوضع جائزة مالية لكل من يتقدم بأية معلومات مفيدة عن الجرائم أو القاتل.. لكن "هنري" لم يكن يعرف ما الذي يواجهه بالضبط في تلك الأثناء، ولم يدرك كم كانت هذه الخطوة ستساعده في ذلك الوقت المبكر.. لذلك فقد رفض الطلب وأنحى باللائمة كلها على رجال الشرطة.. لكن الأمر كان فيه ظلم كبير لهم..
اليوم، ومع كل التقدم الذي نراه في أدوات البحث عن الأدلة وعلوم الطب الشرعي والطب النفسي، فما يزال القاتل المتسلسل هو التحدي الأكبر الذي يواجهه رجال الشرطة.. وبعض هؤلاء القتلة لن يتم الإمساك بهم أبداً بغضّ النظر عن الإجراءات المعقدة التي تتم للإيقاع بهم.. فما بالك بالشرطة اللندنية في العصر الفيكتوري، التي كانت تعمل تقريباً في عصر خالٍ من أي لمحة من لمحات التكنولوجيا الجنائية، فلم تكن الأدوات الجنائية متوافرة لهم، كما لم تكن علوم البصمات وفصائل الدم وغيرها قد تم تطويرها بشكل كافٍ ليستعملها رجال الشرطة.. بل إن تصوير الضحايا لم يكن من الأمور الشائعة في ذلك الوقت.. وحتى عام 1930 لم يكن هناك معمل جنائي في مقر سكوتلانديارد..
اليوم هناك تقنيات متقدمة للغاية للتعرف على القتلة المتسلسلين.. وهناك قواعد بيانات هائلة يستخدمها الأطباء والعلماء النفسيين للتعرف على السمات الشخصية لهذا القاتل.. أما في 1888 فلم تكن الشرطة قد شاهدت من قبل أية جريمة لمهووس جنسي في أي من أنحاء إنجلترا على الإطلاق..
* * *