الصرار والنملة

السلام عليكم

وجلست
النملة بعد أن أضناها التعب وقلة الحيلة بأحد المقاهي البسيطة جدا
والمتناثرة عبر النواصي واضعة كفيها على خدها غارقة في تفكير عميق...
لاحول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
وما هي إلا هنيهة من زمن حتى استفاقت من سرحانها على احتكاك عجلات عند قدميها.!!
رفعت
رأسها وإذا بعينيها يصطدمان بهيكل سيارة فارهة الطول عالمية الشهرة في
سواد يضاهي سواد راكبها ــ ربما تلك التي يسمونها الكاديلاك ــ ، وهي
مبهورة نزل الزجاج الخلفي الذي أطل منه وجه عدوها اللدود ( الصرار ) عدوها
الذي كان يوما يقف ببابها مستجديا حبة من حبات شقائها التي كانت تمضي
الصيف كله في جمعها بينما كان هو يغني متراقصا على إيقاعات أقل ما يقال
عنها أنغام مزعجة وناشزة.( أغاني العصر )
لم يفلح شقاؤها المديد عبر
الزمن من أن يحميها من الفاقة والحاجة بينما الصرار اليوم وبموسيقاه
النشاز يعتلي قمة المسارح ويتناثر في كل الفيديو كليبات تتسابق البراعم في
تقليده وهاهو الآن بشحمه ولحمه يقف مستهزءا ليس منها فقط بل من كل المكدين
المجتهدين في سبيل رفعة المخلوقات عموما ومستهترا بكل القيم الرفيعة التي
نادت بها كل الأديان والأمم
إبتسم الصرار وبخبث بعد أن رماها بزفير
دخان من غليونه الضخم ثم صاح ليسمعه العالم: هيا اركبي معي علني أجد لك
عملا ولو ككونبارس بإحدى البلاتوهات المتناثرة
أدارت النملة وجهها عنه ولسان حالها يولول ليتني استطعت محوك من الكون لكن لك الحق فنحن في عصر التفاهات
رفع الصرار رأسه غير آبه معيدا رأسه إلى الداخل لتنطلق السيارة من جديد مخلفة وراءها سحابة من العادم
تحاملت النملة على نفسها بعد أن زفرت متنهدة وانسحبت في صمت إذ لا أحد أصبح يعيرها انتباها.